كيف نواجه العنوسة وتأخر سن الزواج؟
د. شاكر : إعانة الشباب واجب الدولة والأفراد لنشر العفة والاستقرار الاجتماعي
كتب أحمد غراب:
اذا كانت العنوسة وتأخر سن الزواج بين الشباب خطرا يهدد البناء الأسري ويهدم كيان المجتمع، فاننا جميعنا مسئولون عن مواجهة هذا الخطر بأسلوب يتناسب مع هويتنا وقيمنا وتقاليدنا في ظل العولمة والسماوات المفتوحة التي تمطر علينا كل لحظة ثقافات وقيما لاتناسب ثقافتنا وتقاليدنا الأصيلة، لذلك نتساءل كيف نواجه مشكلة العنوسة وتأخر سن الزواج بين الشباب في أحضان قيمنا وهويتنا العربية والاسلامية؟ يقول الدكتور محمد فؤاد شاكر استاذ الدراسات الاسلامية بجامعة عين شمس: ان الاسلام كلف الدولة ان تعين العاملين فيها علي بناء البيت المسلم وتأسيس الأسرة الكريمة، فيقول رسول الله غ وهو يضع هذه القاعدة التكافلية عن المستور بن شداد قال: سمعت النبي يقول: (من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة، فان لم يكن له خادم فليكتسب خادما، فان لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا).
هذا لون من إعانة الدولة لموظفيها، فان لم يكن موظفا في الدولة، فالاسلام شرع الاعانة العامة لمن أراد الزواج وتعثر في استكماله، قال الحبيب المصطفيغ: (ثلاثة حق علي الله عونهم: المكاتب الذي يريد الاداء، والناكح الذي يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله) وهو دعوة الي معاونة من أراد النكاح.
الفضيلة المنشودة
ويضيف د. شاكر: إن دعوة الفقراء الي الزواج واجبة في المجتمعات التي تسعي الي تحقيق الفضيلة واقامة المجتمع الراشد، فهذا ربيعة بن كعب الأسلمي الذي كان من أهل الصفة ويعلم النبي غ انه فقير لايملك شيئا، ومع هذا كلما قابله قال له: (ياربيعة ألا تتزوج؟) فيشكو له ربيعة أنه فقير ولايملك شيئا، ولايريد أن ينشغل عن النبي غ حيث كان يحمل له ماء الوضوء حتي قال له مرة: (ألا تتزوج ياربيعة؟) قال ربيعة: فقلت مرني بماشئت، فقال: (انطلق الي آل فلان فقل لهم إن رسول الله صلي الله عليه وسلم أرسلني اليكم يأمركم ان تزوجوني فلانة) فذهب ربيعة فقالوا: مرحبا برسول رسول الله غ إلا بحاجته فزوجوني وألطفوني، وما سألوني البينة، فرجعت الي رسول الله صلي الله عليه وسلم حزينا، فقلت: يارسول الله، أتيت قوما كراما فزوجوني وألطفوني وماسألوني البينة، وليس عندي صداق. فقال رسول الله: (يابريدة الأسلمي، أجمعوا له وزن نواة من ذهب) قال: فجمعوا لي وزن نواة من ذهب، فأخذت ماجمعوا، فأتيت النبي غ فقال: اذهب بهذا اليهم فقل: هذا صداقها. فأتيتهم فقلت: هذا صداقها فقبلوه ورضوه وقالوا: كثير طيب. ويكمل ربيعة حكايته مع الزواج فيقول: رجعت الي رسول الله غ حزينا فقال: (ياربيعة مالك حزينا) فقلت: يارسول الله، مارأيت قوما أكرم منهم، ورضوابما أتيتهم وأحسنوا، وقالوا: كثير طيب، وليس عندي ما أولم فقال: يابريدة، أجمعوا له شاة) قال: فجمعوا لي كبشا عظيما كبيرا فقال رسول اللهغ: (اذهب الي عائشة فقل لها: فلتبعث بالمكتل الذي فيه الطعام) قال: فأتيتها فقلت لها ماأمرني به رسول الله، فقلت: هذا المكتل فيه سبع أصع شعيرا، فأخذته فأتيت النبي غ وأخبرته ماقالت عائشة قال: ( اذهب بهذا اليهم فقل لهم: ليصبح هذا عندكم وهذا طبيخا) فقالوا: أما الخبز فسنكفيكموه، وأما الكبش فاكفونا أنتم فأخذنا أنا وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبخناه، فأصبح عندنا خبز ولحم فأولمت ودعوت النبيغ وعلي هذا المنهج سارت الخلافة الاسلامية تفتح أبواب العطاء لمعاونة من أراد الزواج، فلقد أخرج سيدنا عمر بن عبدالعزيز مناديا ينادي في الناس كل يوم: أين المساكين؟ أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين اليتامي حتي أتي كل من هؤلاء فشرع وجود المهور في بيت المال لمن أراد الزواج ولم يقدر عليه. أما الشيخ عبدالحفيظ غزالي كبير الأئمة بمسجد الفتح برمسيس فيؤكد ان ديننا الحنيف يدعو للتعجيل بالزواج لأنه يؤدي للبناء الأسري السليم الذي يؤدي الي الاستقرار الاجتماعي، فبدون الاستقرار الاجتماعي المتين لايمكن ان تحدث تنمية اقتصادية ونهضة شاملة تدفع المجتمع بأكمله الي الرقي والرخاء والتقدم في شتي المجالات، فرسولنا الحبيب يقول غ : يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء) فمن استطاع الباءة وجب الزواج، ومن لم يستطع عليه أن يتحصن بالصيام حتي يحمي نفسه ومجتمعه من عنفوان الغريزة. فالصيام حالة علاجية مع عدم التمكن من حل المشكلة الأصلية وهي العنوسة وتأخر سن الزواج بين الشباب.
التأهيل النفسي
بينما نجد د. علي اسماعيل الأستاذ بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية يدعو لأهمية التأهيل النفسي والاجتماعي للشباب قبل الاقدام علي الزواج، فالأنظار كلها متجهة الي أهمية التأهيل الصحي واجراء التحاليل قبل الزواج بينما نهمل ماهو أهم من ذلك وهو التأهيل النفسي والاجتماعي كي يكون الزوجان أكثر قدرة علي مواجهة المشكلات وحلها وحتي لاتتعثر الحياة الزوجية مع قلة الخبرات وتنتهي بالطلاق، وهذا النوع من التأهيل النفسي والاجتماعي يتم بثه منذ النشأة الأولي في الأسرة وفي مراحل تالية بالمؤسسات التعليمية. وفي احدي الخطوات الايجابية لتزويج اليتامي والفقراء يقول د. عيد سالم الأمين العام للجنة الصحة السابق بمجلس الشعب : ان جمعية تنمية المجتمع المحلي ببهتيم تدرس حالات الفقراء واليتامي الراغبين في الزواج لتقوم باعانتهم في تأسيس عش الزوجية وتنظيم حفل زفاف جماعي لهم.
الخميس مايو 29, 2008 11:24 pm